الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد
إن التقويم نِظامُ عدٍّ زمني لحساب التواريخ للأيَّام، يتمُّ فيه حسابُ التواريخ بناءً على معاييرَ مختلِفةٍ في التقاويم المتنوِّعة؛ فهناك تقويمٌ يَعتمد على الشَّمس، وموقعِ الأرض: (التقويم الميلادي)، ومنها ما يَعتمد على ميلاد ونهاية القمَر: (التقويم الهجري).
والتَّقويم القمَريُّ تقويمٌ ربَّاني سماوي كَوْني توقيفيٌّ،ليس من ابتداع أحَد الفلَكيِّين، وليس للفلكيِّين سلطانٌ على عدَدِه الشهور أو تسلسُلِها أو أطوالها، وإنَّما يتمُّ كلُّ ذلك في حركةٍ كونيَّة ربَّانية، فهو تقويمٌ كامل، لا يَحتاج إلى تعديلٍ أو تصحيح، وهو ربَّاني من تقدير العزيز العليم.
وتَمَّ تحديد عدد الشُّهور السنويَّة في كتاب الله القويم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ [التوبة: 36]
و يقول النبي صلى الله عليه و سلم: " إنا أمة أمية لا تكتب ولا تحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا . وعقد الإبهام في الثالثة . ثم قال الشهر هكذا وهكذا وهكذا . يعني تمام الثلاثين يعني مرة تسعا وعشرين ومرة ثلاثين . " رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم حين خطب في حجة الوداع: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا ؛ منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان"متفق عليه
والتأريخ الهجري القمري سنه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين دون الدواوين وجعل بدايته في أول يوم من الشهر المحرم من السنة التي هاجر فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة والذي يوافق (15) يوليو من عام (622) ميلادي، وكان العمل به في السنة السادسة عشر و قيل السابعة عشر من خلافته رضي الله عنه .
أخرج البخاري عن سهل بن سعد قال : ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته ، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة . انظر الفتح (7/314 ) .
و أفاد السهيلي في الروض الأنف (4/255 ) أن الصحابة أخذوا التأريخ بالهجرة من قوله تعالى { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم } لأنه من المعلوم أنه ليس أول الأيام مطلقاً ، فتعين أنه أضيف إلى شيء مضمر و هو أول الزمن الذي عز فيه الإسلام ، و عبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ربه آمناً ، و ابتداء المسجد ، فوافق رأي الصحابة ابتداء التاريخ من ذلك اليوم .
ومن مميِّزات التقويم الهجريِّ أنَّ أمورنا الدينيَّة كلَّها ترتبط بالشُّهور القمرية، فالحَجُّ والصِّيام والزَّكاة، وعِدَّة الطلاق وغير ذلك كلُّها ترتبط بالشُّهور القمريَّة، والتاريخ الهجريُّ ليس مجرَّد طريقة لحساب الزمن، بل هو أيضا رمزٌ وهويَّة لأمتنا الإسلاميَّة؛ فتاريخنا مرتبِطٌ بأحداثٍ عظيمة، مرتبطة بالشُّهور الهجريَّة؛ مثل: شهر رمضان المبارك، الذي صار رمزًا للانتِصارات والفتوحات الخالدة في بدرٍ وفَتْح مكَّة وحطِّين وعين جالوت
معاني الأشهر في التقويم الهجري
1. محرم (محرّم الحرّام) وهو أول شهور السنة الهجرية ومن الأشهر الحرم ،وسمى المحرّم لأن العرب قبل الإسلام كان يحرّمون القتال فيه.
2. صفر :سمي صفراً لأن ديار العرب كانت تصفر أي تخلو من أهلها لخروجهم فيه ليقتاتوا ويبحثوا عن الطعام ويسافروا هربا من حر الصيف،وقيل لأن العرب كان يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفر المتاع.
3. ربيع الاول : سمي بذلك لأن تسميته جاءت في الربيع فلزمه ذلك الاسم.
4. ربيع الآخِر : سمي بذلك لأن العرب كانوا يرتبعون فيه أي لرعيهم فيه العشب فسمى ربيعاً، ويقال سمي ربيعا لانه جاء في الربيع فلزمه هذا الاسم.
ويقال فيه "ربيع الآخِر" ولا يقال "ربيع الثاني"؛ لأن الثاني تُوحي بوجود ثالث، بينما يوجد ربيعان فقط.
5. جمادي الاولى : سمي بذلك لأن تسميته جاءت في الشتاء حيث يتجمد الماء؛ فلزمه ذلك الاسم، وقد يذكر ويؤنث فيقال جمادى الأولى والأول وجمادى الآخر والآخرة
6. جمادي الاخرة : لأن تسميته جاءت في الشتاء أيضًا؛ فلزمه ذلك الاسم.
ويقال فيه "جمادى الآخِرة" ولا يقال "جمادى الثانية"؛ لأن الثانية توحي بوجود ثالثة، بينما يوجد جُماديان فقط.
7. رجب وهو من الأشهر الحرم : سمي رجباً لترجيبهم الرّماح من الأسنة لأنها تنزع منها فلا يقاتلوا، وقيل : رجب أي توقف عن القتال. ويقال رجب الشيءَ أي هابه وعظمه.
8. شعبان :لأنه شعب بين رجب ورمضان، وقيل: يتفرق الناس فيه ويتشعبون طلبا للماء، وقيل لأن العرب كانت تتشعب فيه (أي تتفرق)؛ للحرب والإغارات بعد قعودهم في شهر رجب.
9. رمضان وهو شهر الصـّوم عند المسلمين، سُمّي بذلك لرموض الحر وشدة وقع الشمس فيه وقت تسميته، حيث كانت الفترة التي سمي فيها شديدة الحر.
10. شوال وفيه عيد الفطر ، لشولان النوق فيه بأذنابها إذا حملت "أي نقصت وجف لبنها"
11. ذو القعدة وهو من الأشهر الحرم : سمي بذلك لأن العرب كانت تقعد فيه عن القتال.
12. ذو الحجة وفيه موسم الحج وعيد الاضحى وسمي بذلك لأن العرب تذهب للحج.
والحمد لله رب العالمين
و صلى الله على نبينا محمد و آله وسلم تسليما كثيرا
منقول بتصرف من
1- فتاوى إسلام ويب
2- مقالتين بعنوان : معاني الاشهر الهجرية
3- نبذة عن التقويم - تقويم أم القرى
4- التقويم الهجري رمز الهوية الإسلامية د. خالد النجار
5- التأريخ الهجري أحداث و مناسبات .. أبو عبد الله الذهبي
[center]